ثُلَّةٌۭ مِّنَ ٱلْأَوَّلِينَ
﴿٣٩﴾سورة الواقعة تفسير الطبري
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الَّذِينَ لَهُمْ هَذِهِ الْكَرَامَة الَّتِي وَصَفَ صِفَتهَا فِي هَذِهِ الْآيَات ثُلَّتَانِ , وَهِيَ جَمَاعَتَانِ وَأُمَّتَانِ وَفِرْقَتَانِ : { ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ } , يَعْنِي جَمَاعَة مِنْ الَّذِينَ مَضَوْا قَبْل أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَثُلَّة مِنْ الْآخِرِينَ } , يَقُول : وَجَمَاعَة مِنْ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَالَ بِهِ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 25880 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : قَالَ الْحَسَن { ثُلَّة مِنْ الْآوَلِينَ } مِنْ الْأُمَم { وَثُلَّة مِنْ الْآخِرِينَ } : أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 25881 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيس ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ } قَالَ : أُمَّة . 25882 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن عَنْ حَدِيث عِمْرَان بْن حُصَيْن , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ : " تَحَدَّثْنَا عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَات لَيْلَة حَتَّى أَكْرَيْنَا فِي الْحَدِيث , ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى أَهْلَيْنَا , فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَوْنَا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأَنْبِيَاء اللَّيْلَة بِأَتْبَاعِهَا مِنْ أُمَمهَا , فَكَانَ النَّبِيّ يَجِيء مَعَهُ الثُّلَّة مِنْ أُمَّته , وَالنَّبِيّ مَعَهُ الْعِصَابَة مِنْ أُمَّته ; وَالنَّبِيّ مَعَهُ النَّفَر مِنْ أُمَّته , وَالنَّبِيّ مَعَهُ الرَّجُل مِنْ أُمَّته , وَالنَّبِيّ مَا مَعَهُ مِنْ أُمَّته أَحَد مِنْ قَوْمه , حَتَّى أَتَى عَلَيَّ مُوسَى بْن عِمْرَان فِي كَبْكَبَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل ; فَلَمَّا رَأَيْتهمْ أَعْجَبُونِي , فَقُلْت أَيْ رَبّ مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : هَذَا أَخُوك مُوسَى بْن عِمْرَان وَمَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل فَقُلْت رَبّ , فَأَيْنَ أُمَّتِي ؟ فَقِيلَ : اُنْظُرْ عَنْ يَمِينك , فَإِذَا ظِرَاب مَكَّة قَدْ سُدَّتْ بِوُجُوهِ الرِّجَال فَقُلْت : " مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قِيلَ : هَؤُلَاءِ أُمَّتك , فَقِيلَ : أَرَضِيت ؟ فَقُلْت : " رَبّ رَضِيت رَبّ رَضِيت قِيلَ : اُنْظُرْ عَنْ يَسَارك , فَإِذَا الْأُفُق قَدْ سُدَّ بِوُجُوهِ الرِّجَال , فَقُلْت : " رَبّ مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قِيلَ : هَؤُلَاءِ أُمَّتك , فَقِيلَ : أَرَضِيت ؟ فَقُلْت رَضِيت , رَبّ رَضِيت ; فَقِيلَ : إِنَّ مَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعِينَ أَلْفًا مِنْ أُمَّتك يَدْخُلُونَ الْجَنَّة لَا حِسَاب عَلَيْهِمْ ; قَالَ : فَأَنْشَأَ عُكَّاشَة بْن مِحْصَن , رَجُل مِنْ بَنِي أَسَد بْن خُزَيْمَة , فَقَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه اُدْعُ رَبّك أَنْ يَجْعَلنِي مِنْهُمْ , قَالَ : " اللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ مِنْهُمْ , ثُمَّ أَنْشَأَ رَجُل آخَر فَقَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه اُدْعُ رَبّك أَنْ يَجْعَلنِي مِنْهُمْ , قَالَ : سَبَقَك بِهَا عُكَّاشَة , فَقَالَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فِدًى لَكُمْ أَبِي وَأُمِّي إِنْ اِسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنْ السَّبْعِينَ فَكُونُوا مِنْ أَهْل الْأُفُق , فَإِنِّي رَأَيْت ثَمَّ أُنَاسًا يَتَهَرَّشُونَ كَثِيرًا , أَوْ قَالَ يَتَهَرَّشُونَ ; قَالَ : فَتَرَاجَعَ الْمُؤْمِنُونَ , أَوْ قَالَ فَتَرَاجَعْنَا عَلَى هَؤُلَاءِ السَّبْعِينَ , فَصَارَ مِنْ أَمْرهمْ أَنْ قَالُوا : نَرَاهُمْ نَاسًا وُلِدُوا فِي الْإِسْلَام , فَلَمْ يَزَالُوا يَعْلَمُونَ بِهِ حَتَّى مَاتُوا عَلَيْهِ , فَنَمَى حَدِيثهمْ ذَاكَ إِلَى نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : لَيْسَ كَذَاك , وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرِقُونَ , وَلَا يَكْتَوُونَ , وَلَا يَتَطَيَّرُونَ , وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ . ذُكِرَ أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمئِذٍ : " إِنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ يَكُون مَنْ تَبِعْنِي مِنْ أُمَّتِي رُبْع أَهْل الْجَنَّة , فَكَبَّرْنَا , ثُمَّ قَالَ : إِنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ تَكُونُوا الشَّطْر , فَكَبَّرْنَا , ثُمَّ تَلَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة : { ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّة مِنْ الْآخِرِينَ } . - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن بْن بِشْر الْبَجْلِيّ , عَنْ الْحَكَم بْن عَبْد الْمَلِك عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْن , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , قَالَ : " تَحَدَّثْنَا لَيْلَة عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حَتَّى أَكْرَيْنَا أَوْ أَكْثَرْنَا , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : فَإِذَا الظِّرَاب ظِرَاب مَكَّة مَسْدُودَة بِوُجُوهِ الرِّجَال وَقَالَ أَيْضًا : فَإِنِّي رَأَيْت عِنْده أُنَاسًا يَتَهَاوَشُونَ كَثِيرًا ; قَالَ : فَقُلْنَا : مَنْ هَؤُلَاءِ السَّبْعُونَ أَلْفًا فَاتَّفَقَ رَأَيْنَا عَلَى أَنَّهُمْ قَوْم وُلِدُوا فِي الْإِسْلَام وَيَمُوتُونَ عَلَيْهِ قَالَ : فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " لَا , وَلَكِنَّهُمْ قَوْم لَا يَكْتَوُونَ " وَقَالَ أَيْضًا : ثُمَّ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبْع أَهْل الْجَنَّة , فَكَبَّرَ أَصْحَابه ثُمَّ قَالَ : " إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُث أَهْل الْجَنَّة " , فَكَبَّرَ أَصْحَابه ; ثُمَّ قَالَ : " إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا شَطْر أَهْل الْجَنَّة " , ثُمَّ قَرَأَ { ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّة مِنْ الْآخِرِينَ } . 25883 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَوْف , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث قَالَ : كُلّهمْ فِي الْجَنَّة . 25884 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبْع أَهْل الْجَنَّة ؟ قَالُوا : نَعَمْ , قَالَ : " أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُث أَهْل الْجَنَّة ؟ قَالُوا : نَعَمْ , " قَالَ وَاَلَّذِي نَفْسِيّ بِيَدِهِ إِنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ تَكُونُوا شَطْر أَهْل الْجَنَّة , ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَة { ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّة مِنْ الْآخِرِينَ } . 25885 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ بُدَيْل بْن كَعْب أَنَّهُ قَالَ : أَهْل الْجَنَّة عِشْرُونَ وَمِائَة صَفّ , ثَمَانُونَ صَفًّا مِنْهَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة . وَفِي رُفِعَ { ثُلَّة } وَجْهَانِ : أَحَدهمَا الِاسْتِئْنَاف , وَالْآخَر بِقَوْلِهِ : لِأَصْحَابِ الْيَمِين ثُلَّتَانِ , ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَر مِنْ وَجْه عَنْهُ صَحِيح أَنَّهُ قَالَ : وَالثُّلَّتَانِ جَمِيعًا مِنْ أُمَّتِي " . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25886 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبَان بْن أَبِي عَيَّاش عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { ثُلَّة مِنْ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّة مِنْ الْآخِرِينَ } قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هُمَا جَمِيعًا مِنْ أُمَّتِي " .